منتدى كمال للعلوم العربية والإسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سوء عاقبة الأمن من مكر الله

اذهب الى الأسفل

سوء عاقبة الأمن من مكر الله Empty سوء عاقبة الأمن من مكر الله

مُساهمة من طرف كمال أحمد زكي الجمعة فبراير 23, 2024 10:41 am

الحمد لله رب العالمين , نحمده على ما أنعم , ونشكره على ماتفضل به وأكرم , سبحانه جل شأنه , وتقدست أسماءه , خلقنا لعبادته , وأوجدنا لتوحيده , سترنا بستره , وحملنا بحلمه , وأشهد أن لا إله إلا الله , شهادة ندخرها ليوم تشيب فيه الولدان وتشخص فيه الأعيان , وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله , خير من على الأرض نشأ , وإلى كل فضيلة مشى , صلى الله عليه صلاة تبلغه منا الساعة , وسلام منا إليه إلى قيام الساعة , فاللهم صل عليه وسلم ما ذكره الذاكرون , وما غفل عن ذكره الغافلون , وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

عباد الله
المؤمن يسير في هذه الحياة بين خوفه من ربه سبحانه ورجائه له، فهو يجمع بين الرجاء والخوف، يخاف ذنوبه ويعمل بطاعة ربه ويرجو رحمته، كما قال الله تعالى: {أمَّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه} وقال تعالى: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين}. 
والإصرار على الذنوب والإعراض عن ما أمر الله به من الواجبات مع الأمن من عقوبة الله من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر وهو طريق إلى الخسران العظيم قال تعالى : " أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ".
لذا يا عبد الله .. احذر من مكر الله تعالى , ولا تغتر بما آتاك الله من نعم سواء كانت مالا أو جاها أو علما أو أو صحة أو ولدا أو ذكاء أو قوة أو أي شي كان , فكل ذلك من الله له الفضل أولاً وآخراً , وهو الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء , ويعطي ما يشاء لمن يشاء , ويمنع ما يشاء عن من يشاء سبحانه له الأمر من قبل ومن بعد.
إن المؤمنين مع إحسانهم وإيمانهم وعملهم الصالح، مشفقون من الله خائفون منه، وجلون من مكره بهم، كما قال الحسن البصري: إن المؤمن جمع إحسانا وشفقة، وإن المنافق جمع إساءة وأمنًا.
قال تعالى " والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون ".
قالت عائشة: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية.. أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون، وهم يخافون أن لا يقبل منهم.
وقال ابن مسعود: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه في أصل جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه قال به هكذا، فطار.
وقال عمر رضي الله عنه: لو أن إحدى رجلي داخل الجنة والأخرى خارجها ما أمنت مكر الله.
وقد سئل الإمام أحمد: متى يجد العبد طعم الراحة؟ قال: عند أول قدم يضعها في الجنة.
والمؤمنون لا يعيشون في غفلة يأكلون ويتمتعتون ويلههم الأمل مثل البهائم أعزكم الله.
قال أبو الدرداء رضى الله عنه : أضحكني ثلاث وأبكاني ثلاث : أضحكني مؤمل الدنيا والموت يطلبه، وغافل ليس بالمغفول عنه، وضاحك ملء فيه ولا يدري أراضٍ الله عنه أم ساخط عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم « إنَّ الْعبْدَ لَيَتَكلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ تَعالى لا يُلْقي لهَا بَالًا يهِوي بهَا في جَهَنَّم.
كما أن المؤمنين يحذرون الاستدراج والاستدراج هو أن يتابع الله عليك نعمه وأنت مقيم على معاصيه، أو تستخدم هذه النعم في معصية الله.
قال صلى الله عليه وسلم: « إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب ، فإنما هو استدراج ، ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾
قال أحد السلف: رُبَّ مستدرجٍ بنعم الله وهو لا يعلم.
وقد يسأل سائل: متى يكون العطاء من الله استدراجا ومتى يكون إنعاما؟
 إذا أعطاك الله إن شكرته وحمدته فهذا إنعام؛ لأن الله وعد بالزيادة لمن شكر فقال: } لئن شكرتم لأزيدكم {، وأما إذا أعطاك الله وأنت لا تزال مقيم على معاصيك، فاعلم أن ذلك استدراجا، لقوله  صلى الله عليه وسلم  (إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنْ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ).
فإذا رأيت الله تعالى يوسع على إنسان وهو ظالم، ومع ذلك تزداد رتبته وتزداد منزلته وتزداد ثرواته وخيراته، فلا تظن أن ذلك لكرامته على الله، خصوصا إذا كان يزدادُ في الوقت ذاته طغيانا ومعصية، وإنما ذلك من باب الاستدراج قال تعالى " أيحسبون أن ما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا بشعرون " وقال " فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلا "
وأمّا إذا رأيت الله عجّل عقوبة عبده في الدنيا لذنب أصابه، فاعلم بأن الله أراد بذلك العبد خيرا؛ لأنه نال جزاءه في الدنيا، فقد جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رضي الله عنه  أَنَّ رَجُلاً لَقِيَ امْرَأَةً كَانَتْ بَغِيًّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَجَعَلَ يُلاعِبُهَا حَتَّى بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ: مَهْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ ذَهَبَ بِالْجَاهِلِيَّةِ وَجَاءَنَا بِالإِسْلامِ، فَوَلَّى الرَّجُلُ فَأَصَابَ وَجْهَهُ الْحَائِطُ فَشَجَّهُ ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ  صلى الله عليه وسلم  فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: (أَنْتَ عَبْدٌ أَرَادَ اللَّهُ بِكَ خَيْرًا، إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدٍ خَيْرًا، عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَةَ ذَنْبِهِ، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ شَرًّا، أَمْسَكَ عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَفَّى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ عَيْرٌ) وعير اسم جبل في المدينة.
ولا يعني هذا أن تتمنى أن يعجّل الله لك العقوبة في الدنيا كي لا تستدرج؛ لأن المسلم مطالب أن يسأل الله العافية ولا يتمنى البلاء ولا العقوبة.
 فقد روى أَنَسُ بن مالك رضي الله عنه  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم  عَادَ رَجُلاً مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ، أي ضعف وسكن فصار مثل الفرح وهو ولد الطير في كثرة النحافة ، وقلة القوة .فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم : (هَلْ كُنْتَ تَدْعُو الله بِشَيْءٍ)؟ قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَقُولُ: اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم : (سُبْحَانَ اللَّهِ لا تُطِيقُهُ،، أَفَلا قُلْتَ: اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)؟ قَالَ فَدَعَا اللَّهَ لَهُ فَشَفَاهُ.
     
والآمنون من مكر الله والمغرورون بما عندهم كثير ذكر الله بعضهم في القرآن الكريم وبعضهم في السنة الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم ..
ومنهم قارون الذي آتاه الله مالاً كثيراً ونعماً عدة وكنوزاً عجزت قوة البشر على حملها فعاش في ترف وبذخ، وكبر وفخر وخيلاء، وطغى وكذب وتولى وقال أوتيته على علم عندي فصدقه الجهلة وتمنوا أن لو كان لهم مثل ماكان له ونصحه أهل العلم والدعوة وحذروه من هذا التمرد والعصيان فاستمر في غيّه حتى كان نتيجة ذلك أن خسف الله به وبداره الأرض جراء غروره وتجبره وأمنه من مكر الله.

ومن الآمنين من مكر الله والمغرورين بما آتهاهم أيضاً بعض أولئك النفر الذين منّ الله عليهم بالعافية بعد البلاء والصحة بعد المرض فتناسوا ما كانوا عليه بل قالوا ما أوتينا من أنعام وخيرات قد ورثناها كابر عن كابر فأخزاهم الله بجحودهم وأمنهم من مكر الله تعالى عليهم , أخرج البخاري و مسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى ، فأراد الله أن يبتليهم ، فبعث إليهم ملكا ، فأتى الأبرص ، فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال : لون حسن ، وجلد حسن ، ويذهب عني الذي قد قَذِرَني الناس ، قال : فمسحه فذهب عنه قَذَرُه ، وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا ، قال : فأي المال أحب إليك ؟ قال : الإبل ، قال : فأعطي ناقة عُشَراء ، فقال : بارك الله لك فيها ، قال : فأتى الأقرع فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال شعر حسن ، ويذهب عني هذا الذي قد قَذِرَني الناس ، قال : فمسحه فذهب عنه ، وأعطي شعرا حسنا ، قال : فأي المال أحب إليك ؟ قال : البقر ، فأعطي بقرة حاملا ، فقال : بارك الله لك فيها ، قال : فأتى الأعمى ، فقال : أي شيء أحب إليك ، قال : أن يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس ، قال : فمسحه فرد الله إليه بصره ، قال : فأي المال أحب إليك ، قال : الغنم ، فأعطي شاة والدا ، فأنتج هذان وولد هذا ، قال : فكان لهذا واد من الإبل ، ولهذا واد من البقر ، ولهذا واد من الغنم ، قال : ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته ، فقال : رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال ، بعيرا أتَبَلَّغُ عليه في سفري ، فقال : الحقوق كثيرة : فقال له : كأني أعرفك ، ألم تكن أبرص يَقْذَرُك الناس ؟! فقيرا فأعطاك الله ؟! فقال : إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر ، فقال : إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت ، قال : وأتى الأقرع في صورته ، فقال له مثل ما قال لهذا ، ورد عليه مثل ما رد على هذا ، فقال : إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت ، قال : وأتى الأعمى في صورته وهيئته ، فقال : رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي رد عليك بصرك ، شاة أتبلغ بها في سفري ، فقال : قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري ، فخذ ما شئت ودع ما شئت ، فوالله لا أَجْهَدُكَ اليوم شيئا أخذته لله ، فقال : أمسك مالك ، فإنما ابتليتم ، فقد رُضِيَ عنك ، وسُخِطَ على صاحبيك " .

ومنهم رجل كان يظنه الناس على خير  وأنه من أهل الجنة ولكن بسبب سوء سريرته ختم له بالشقاء
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَاقْتَتَلُوا، فَمَالَ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى عَسْكَرِهِمْ وَفِي الْمُسْلِمِينَ رَجُلٌ لَا يَدَعُ لِلْمُشْرِكِينَ شَاذَّةً ولا فاذّة إلّا اتبعها يضربها بِسَيْفِهِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا أَجْزَأَ أَحَدٌ الْيَوْمَ مَا أَجْزَأَ فُلَانٌ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَعْظَمَ الْقَوْمُ ذَلِكَ، فَقَالُوا: أَيُّنَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ إِنْ كَانَ فُلَانٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللهِ لَا يَمُوتُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ أَبَدًا، فَاتَّبَعَهُ كُلَّمَا أَسْرَعَ أسرع، وإذا أَبْطَأَ أبطأ مَعَهُ، حَتَّى جُرِحَ، فَاشْتَدَّتْ جِرَاحَتُهُ وَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ سَيْفَهُ بِالْأَرْضِ وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّهُ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فيما يبدوا لِلنَّاسِ وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ الجنة.

كمال أحمد زكي

المساهمات : 129
نقاط : 349
تاريخ التسجيل : 04/07/2017

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى