منتدى كمال للعلوم العربية والإسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الطهارة آدابها وبعض أحكامها

اذهب الى الأسفل

الطهارة آدابها وبعض أحكامها Empty الطهارة آدابها وبعض أحكامها

مُساهمة من طرف كمال أحمد زكي الجمعة يونيو 09, 2023 9:48 pm

أيها المسلمون:

بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم بشريعة الإسلام: شريعةٍ شاملةٍ كاملةٍ، ليس فيها نقصٌ ولا غلط (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَـاتِهِ وَيُزَكِّيـهِمْ وَيُعَلِّمُـهُمُ الْكِتَابَ والْـحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)

ومن أراد حصر فضائل هذه الشريعة فقد رام المستحيل، ولكن حسبنا الآن أن نتحدث عن فضيلة واحدة من تلك الفضائل التي جبَل الله النفوس على حبها، وحب من اتصف بها وحافظ عليها إنها النظافة.

أيها المسلمون:

كان الناس في الجاهلية على حال مزرية من الجهالة والسوء، حتى في شأن طهارة أبدانهم.

لنستمع في وصف حالهم إلى هذا الحديث الذي حدثتنا به أمنا الكريمة أم المؤمنين زينب رضي الله عنها.

أخرج البخاري ومسلم عن زينب رضي الله عنها أنها وصفت حال المرأة في الجاهلية إذا مات عنها زوجها، فأخبرت أن المرأة كانت إذا توفي عنها زوجها دخلت حِفشاً (أي بيتاً صغيراً حقيراً) ومكثت فيه سنةً كاملةً، لابسةً شرَّ ثيابها، ولم تمس طيباً ولا ماء. فإذا أتمت سنةً كاملةً على تلك الحال أُذِنَ لها في الخروج من ذلك الحِفش.

وقبل أن تخرج يأتونها بشيء تتمسح به وتنظف به ما علق بها من الأوساخ.

ما هذا الشيء الذي يأتونها به؟ هل يأتونها بالمناديل أو القماش؟ كلا.

بل كانوا يعطونها دابةً من الدواب الحية كشاةٍ صغيرة أو أرنب أو طير من الطيور لتتمسح به!

قالت زينب رضي الله عنها: فما تتمسح بشيء إلا غالبا ما مات ذلك الشيء. يعني أنها إذا تمسحت بتلك الشاة أو الأرنب أو الطير مات ذلك الذي تمسحت به لقذارتها ودرنها ورائحتها الكريهةا!!

فلما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم وجاء الله بالإسلام تغير القوم، فأصبح ذلك الأعرابي الذي يُمضي الأيام لا يمس الماء، أصبح يتوضأ بالماء خمس مرات كل يوم، كما أصبح الغُسل محل عناية الشرع، فهو واجبٌ أحياناً، ومستحبٌ أحياناً أخرى.

ولقد رتب الله على التطهر عظيم الثواب. أخرج الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا توضأ العبد المسلم فغسل وجهه خرج من وجهه كلُّ خطيئة نظر إليها بعينه مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كلُّ خطيئة كانت بطشتها يداه مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كلُّ خطيئة مشتها رجلاه مع آخر قطر الماء، حتى يخرج نقياً من الذنوب).

عباد الله إن الاهتمام بالنظافة والحرص عليها هي فطرة الأنبياء جميعا ودليل على أن الإنسان مسلم حقا عن أبي هريرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (الفطرة خمس: الختان، والاستحداد،  وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإبط)].

ومر النبي صلي الله عليه وسلم قريبا من قبرين فسمع صوت إنسانين يعذبان فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (يعذبان  وما يعذبان في كبير).  ثم قال: (بل كان أحدهما لا يستنزه من بوله، وكان الآخر يمشي بالنميمة)، ثم دعا بجريدة وكسرها كسرتين، فوضع على كل قبر منهما كسرة. فقيل له يا رسول الله: لم فعلت هذا؟ قال: (لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا).

أيها المسلمون:

وما دامت الطهارة في دين الإسلام بهذه القيمة والمكانة، فإنه ينبغي على المسلم أن يحرص أشد الحرص على تعلّم أحكامها وآدابها.

فلنستمع الآن - بارك الله فيكم - إلى شيء من أحكام الطهارة:

فمن أحكام الطهارة أن يستتر الإنسان عن الأنظار عند قضاء حاجته، ولا يجوز له أن يستقبل القبلة ولا يستدبرها وهو يقضي حاجته، كما جاء ذلك في الحديث الصحيح.

ثم يستنجي بالماء بعد انتهائه من قضاء حاجته، وإن شاء استجمر بالحجارة أو المناديل، واستعمال الماء أفضل طبعا ويحرص أن يستنجي بشماله.

فإذا أراد أن يتوضأ، فليبدأ بالبسملة فيقول: بسم الله، وإن تركها فلا شيء عليه، لأن الصواب والله أعلم أن التسمية عند الوضوء مستحبة وليست بواجبة.

ثم يبدأ في أعمال الوضوء فيغسل يديه ثلاثاً، وهذا الغسل مستحبٌّ وليس بواجب، ثم يتمضمضُ ويستنشقُ ثلاثاً بحيث يأخذ ثلاثة أكُفٍ من الماء، يتمضمض ويستنشق من الكف الأولى ثم الثانية ثم الثالثة.

ثم يغسل وجهه ثلاث مرات، ثم يغسل يديه ثلاث مرات من أطراف الأصابع حتى المرفقين، سواء بدأ من أعلى، أو من أسفل، المهم أن يجري الماء على اليد من أطراف الأصابع إلى المرفق إلى أول العضد، ثم يمسح برأسه مرة واحدة مع أذنيه، ثم يغسل رجليه إلى الكعبين ثلاثاً.

ولْيَعْلَم المسلم أنَّ غسله لأعضائه ثلاث مرات إنما هو الأفضل، ويجوز غسل الأعضاء مرة، ويجوز مرتين، والثلاث أفضل، فإن زاد على الثلاث فقد أخطأ ويُخشى عليه من الإثم، لقوله صلى الله عليه وسلم: (فمن زاد على ذلك - يعني على الثلاث - فقد أساء وتعدى وظلم).

وينبغي للمسلم في وضوئه أن يعمل بالسنن التي تكمل وضوءه؛ ومنها أن يستاك عند الوضوء، ومنها أن لا يسرف في الماء، فقد جاء في الصحيحين أن النبي ﷺ كان يتوضأ بالمُـد. وهو أقل من اللِتر. ولو تأملنا ذلك لأصابتنا الدهشة مما يفعله بعض الناس اليوم، حيث يفتح أحدهم الماء بقوة ثم يبدأ في وضوئه، فإذا انتهى من وضوئه إذا به قد استنفد الكثير من الماء!

ويجب على المسلم أن يتأكد من وصول الماء إلى أعضائه، فقد قال صلى الله عليه وسلم:  (ويل للأعقاب من النار).

والأعقاب: جمع عَقِب، وهو العظم الذي يكون في آخر القدم، وهو من الأعضاء التي لا يصل إليها الماء إذا استعجل الإنسان في وضوئه.

ولذلك نبَّه النبي ﷺ أصحابه بأن يتأكَّدوا من غسل أعقابهم، وحذَّر من أهمل غسلها من عذاب النار.

فالواجب على المؤمن أن يعتني بوضوئه، وأن يتأكد من وصول الماء إلى جميع أعضائه التي يجب غسلها، فإن أمر الوضوء عند الله عظيم.

أيها المسلمون: ما تقدم إنما هو حديث عن أحكام الحدث الأصغر، أما من عليه حدث أكبر "وهو الجنابة" وهي إنزال المني، أو التقاء الختانين ولو من غير إنزال، وسميت جنابة لكونها سببًا لتجنب الصلاة شرعًا فيجب عليه الغسل وكذلك يجب الغسل على المرأة الحائض والنفساء عند انقطاع الدم.

وللغسل صفتان: فالأولى المجزئة وهي أن يغسل رأسه بحيث يصل الماء إلى جلد رأسه ويعم جميع بدنه بالماء، والصفة الثانية، وهي الكاملة، وهي أن يغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يغسل رأسه جيداً ثلاث مرات، ثم يغسل سائر جسده يبدأ بشقه الأيمن.

فإذا اغتسل المسلم الغسل الواجب أغناه عن الوضوء وجاز له أن يصلي أما الغسل المستحب فلا يغني عن الوضوء.

واعلموا - أيها المسلمون - أن الغُسل والوضوء أمانة بين العبد وربه، فمن الذي يدري عن الإنسان إذا لم يتطهر؟ فمن أتقنه وتحرى في ذلك اتباع السنة كان ذلك دليلاً على إيمانه وتقواه.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفر وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

كمال أحمد زكي

المساهمات : 131
نقاط : 355
تاريخ التسجيل : 04/07/2017

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى