منتدى كمال للعلوم العربية والإسلامية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المسابقة الى فعل الخيرات

اذهب الى الأسفل

المسابقة الى فعل الخيرات Empty المسابقة الى فعل الخيرات

مُساهمة من طرف كمال أحمد زكي الجمعة مارس 29, 2024 10:27 am


فإن أشرف وأعظم ما تنافس فيه المتنافسون، وتسابَق فيه المتسابقون - فِعل الخيرات، وعملُ الطاعات، ابتغاء مرضات رب البريات، فجزاء المتسابقين في هذا المضمار جنة عرضها كعرض الأرض والسماوات، وعدَهم الله بأنهم فيها خالدون، ولهم فيها ما يشتهون، لا يصيبهم فيها همٌّ ولا نَصَب، ولا منها يُخرجون، ﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾
ولا يَسْتَوِي في الناسِ مُبَادِرٌ إلى الخير، ومُتَبَاطِئ، قال تعالى: (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلله مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).

واللَّبِيبُ العاقلُ يُسارِعُ ويُبادرُ قَبْلَ العوائِقِ والعَوَارِض، فَنَافِسْ مَا دام في العمر فُسْحَةٍ ونَفَسْ، فالصِّحْةُ يَفْجَؤُهَا السَّقَم، والقوةُ يَعْتَرِيهَا الوَهَن، والشبابُ يَعْقِبُهُ الهَرَم.
قال صلى الله عليه وسلم: ((التُّؤَدة في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة))؛
وقال -سبحانه-: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ). "فَمَنْ سَبَقَ في الدُّنْيا إلى الخيرات فَهُوُ السابقُ في الآخرةِ إلى الجنات.

فأين من يتنافسون في كفالة اليتامى وإطعام المساكين.
وأين من يتنافسون في بر الوالدين وإرضاءهما.
وأين من يتنافسون في طلب العلم والمزاحمة في. حلقات العلم.
وأين من يتنافسون في الصيام والقيام وتلاوة القران والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأبن من يَتَنافَسون في مُسَاعَدَةِ الغير، والسعيِّ في حاجةِ ذوي الحاجةِ.

إن الصحبةُ الصالحةُ هي التي يَغْلِبُ على أفْرَادِها التنافسُ في الصالحات، والتسابُقُ إلى الخيرات يَأْلَفُ ذووها الجِدِّيِّةَ والعمل، ويَنْبِذُونَ الدَّعَةَ والكَسَل،
في زَمَنٍ يَتَنَافَسُ فيِهِ أَهْلُ الهَوى والشهواتِ، في الغَيِّ والمُنكرات، وارتكابِ المعاصي والمُحَرَّمَات، قال تعالى عن اليهود: (وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

يقولُ الحسنُ رحمه الله: "واللهِ لقد أدركتُ أقوامًا كانت الدنيا أهونَ عليهم من التراب الذي تمشون عليه، ما يُبالون ذهبَتْ الدنيا إلى ذا، أو ذهبَتْ إلى ذا!" وقال أيضًا: "مَن نافسَك في دينِك، فنافِسْه، ومن نافسَك في دنياك، فألقِها في نحره".

عباد الله: لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تربيته لأصحابه يركز على إذكاء روح التنافس في الأعمال التي يعود نفعها على المرء في الدنيا والآخرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من أصبح منكم اليوم صائماً؟» قال أبو بكر: أنا، قال: «فمن تبع منكم اليوم جنازة؟» قال أبو بكر: أنا، قال: «فمن أطعم اليوم مسكيناً؟» قال أبو بكر: أنا، قال: «فمن عاد منكم مريضاً؟» قال أبو بكر: أنا، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ما اجتمعت في امرئ إلا دخل الجنة».

وعن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((على كل مسلم صدقة)) فقالوا: يا نبيَّ الله، فمن لم يَجِدْ؟ قال: ((يعملُ بيدِه فينفعُ نفسَه، ويتصدَّق)) قالوا: فإن لم يَجِدْ؟ قال: ((يُعينُ ذا الحاجة المَلْهُوفَ)) قالوا: فإن لم يَجِدْ؟ قال: ((فلْيَأمر بالمعروف، وليُمْسِكْ عن الشرِّ فإنها له صدقة)).

وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس: تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته، فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدق ))؛

وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من مسلمٍ يَغرِسُ غرسًا إلا كان ما أُكِل منه له صدقةً، وما سُرِق منه له صدقةً، وما أكَل السَّبُع منه فهو له صدقة، وما أكلت الطيرُ فهو له صدقة، ولا يَرْزُؤه أحدٌ ـ أي ينقصه ـ إلا كان له صدقة)).

وعن ابن عمر أن رجلًا جاء إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أيُّ الناسِ أحبُّ إلى الله؟ وأيُّ الأعمال أحبُّ إلى الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحبُّ الناس إلى الله عز وجل أنفعُهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله سرورٌ تُدخِلُه على مسلم، أو تكشفُ عنه كربةً، أو تقضي عنه دينًا أو تطردُ عنه جوعًا، ولَئِن أمشي مع أخٍ لي في حاجة أحبُّ إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد شهرًا (في مسجد المدينة)، ومن كفَّ غضبَه ستر الله عورتَه، ومن كظم غضبَه ولو شاء أن يمضيَه أمضاه، ملأ الله قلبه رخاء يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيَّأ له، ثبَّت الله قدمه يوم تزولُ الأقدام)).

وكان -صلى الله عليه وسلم- يوجه إلى التنافس على فضائل العبادات والطاعات فعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ ما في النِّداءِ والصَّفِ الأوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلا أنْ يَسْتَهِمُوا عليه لاسْتَهَمُوا. وَلَوْ يَعْلَمُونَ ما في التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا إليه. ولَوْ يعلمون ما في العَتَمَةِ والصُّبْحِ لأتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوا» [متفق عليه]..

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلا من الجنة كلما غدا أو راح».

لقد سَادَتْ رُوحُ المنافسةِ في الخيراتِ بينَ أصحابِ محمدٍ -صلى الله عليه وسلم-، وكانَ أبو بكرٍ سَبَّاقاً أَبَدَا، أَخْرَجَ أبو داودَ في سننه، والترمذيُّ في جامعه عن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قال: أَمَرَنَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا أَنْ نَتَصَدَّقَ، فَوَافَقَ ذَلِكَ مَالًا عِنْدِي، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟" قُلْتُ: مِثْلَهُ، قَالَ: وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟" قَالَ: أَبْقَيْتُ لَهُمْ الله وَرَسُولَهُ، قُلْتُ: لَا أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا.

وقال صلى الله عليه وسلم: ((يدخلُ من أمتي الجنةَ سبعون ألفًا بغير حساب))، فقال رجل: يا رسول الله، ادعُ اللهَ أن يجعلني منهم، قال: ((اللهم اجعَلْه منهم))، ثم قام آخر فقال: يا رسول الله، ادعُ اللهَ أن يجعلَني منهم، قال: ((سبَقَك بهم عُكَّاشة))؛ مسلم.

وعن أبي صالح عن أبي هريرة: "أن فقراءَ المهاجرين أتَوْا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهَب أهلُ الدُّثُورِ بالدرجات العُلَى، والنعيم المقيم)) فقال: ((وما ذاك؟)) قالوا: يُصلُّون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدَّقون ولا نتصدَّق، ويُعتِقون ولا نُعتِقُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أفلا أعلِّمُكم شيئًا تدركون به مَن سبقكم، وتَسبقون به مَن بعدَكم، ولا يكونُ أحدٌ أفضلَ منكم إلا مَن صنع مثل ما صنعتم؟)) قالوا: بلى يا رسول الله! قال: ((تُسبِّحون، وتُكبِّرون، وتَحْمدون دُبُرَ كلِّ صلاة ثلاثًا وثلاثين مرة))، قال أبو صالح: فرَجَع فقراءُ المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: سَمِع إخوانُنا أهلُ الأموال بما فعلنا، ففعلوا مثله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ذلك فضلُ اللهِ يُؤتيه مَن يَشاءُ))؛ مسلم.

كمال أحمد زكي

المساهمات : 131
نقاط : 355
تاريخ التسجيل : 04/07/2017

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى